
بداية إليك لمحة سريعة عن التداول في الذهب، فالمعدن الأصفر يحظى بتاريخ عريق في أسواق المال بل وبدون مبالغة يعد أحد الأركان الرئيسية لسوق المال. وكان الإقبال عليه شديدا عندما كانت قيمته أقل مقارنة بالسلع الأخرى المتداولة في أسواق المال. وفي الحقيقية فإن التداول في الذهب خلال العام الجاري 2022 قد لا يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة. وسوف نشرح في هذا المقال مسار التحول الذي شهده الذهب خلال الفترة الماضية والفرص المتاحة للتداول في الوقت الراهن.
تاريخ تداول الذهب
زيادة اقبال المستثمرين الغربيين على الذهب كان السبب الرئيسي لرفع قيمه المعدن الثمين خلال عام 2018. حيث لامس الذهب في عام 2018 مستويات 1,160 دولار، ولكن ومع نهاية العام ذاته ارتفع الذهب ملامسا مستويات 2,073 دولار. وخلال تلك الفترة، أصبح الاستثمار في الذهب أحد أفضل الأدوات والأصول المالية المتداولة في أسواق المال. ثم كانت جائحة كورونا في 2019 والتي دفعت العديد والعديد من المستثمرين إلى شراء الذهب بشراهة وتخزينه كأحد أصول الآمن لاعتقادهم بأن اقتصاد الدول الكبرى على حافة الانهيار.
لكن الاقبال الكثيف على الذهب وزيادة معدل المشتريات كان له تأثير سلبي بعض الشيء، كما أن البلدان التي اتجهت إلى شراء الأصول المقومة بالذهب بدأت تعاني من تبعات التضخم. جدير بالذكر أن التراجع الكبير الذي شهده الذهب عام 2009 بالتزامن من الأزمة المالية العالمية دفع العديد من البنوك إلى شراء الذهب للحفاظ على قيمة مخزونها من المعدن الثمين. وبدأت البنوك منذ عام 2011 في بيع أصول الذهب كل ثلاثة أشهر، وهذا السيناريو قد يكون مستمرا حتى الآن.
بالتأكيد، فإن معدل مبيعات الذهب الذي يتم 3 أشهر له تأثير على الأداء الاقتصادي بشكل عام، فضلا عن كونه مقياسا هاما لا يمكن تجاهله. وبإمكان المتداولين الاستعانة بتلك البيانات لوضع تنبؤات طويلة المدى. وبطبيعة الحال، قد تشهد السلع المتداولة حالة من التقلبات العنيفة خلال جلسة التداول، وهي فرصة ذهبية للمتداول لدراسة تلك الحالة للوصول إلى أفضل قرار.
مقارنة أداء الذهب خلال عامي 2020 و 2021
وبحسب البيانات ارتفع الذهب بنحو 17% خلال الأشهر الأولى من عام 2020. وفي الربع الثاني من العام ذاته ارتفعت الأسعار بنحو 10٪، ليلامس الذهب مستويات 2,073 دولار. لكن صعود نجم الذهب لم يستمر طويلا، ففي آب/أغسطس 2020 تراجع الذهب متخليا عن مستوياته المرتفعة ليلامس 1,844 دولار للأونصة. ويمكننا القول بأن تفشي فيروس كورونا خلال تلك الفترة دفع العديد من المتداولين للبحث عن الملاذ الآمن، مما تسبب في ارتفاع الذهب لمستويات غير مسبوقة.
أما عام 2021 فقد حمل العديد من المفاجآت للمعدن الثمين، حيث تراجع المعدن الأصفر ليلامس مستويات 1,829 دولار، رغم استمرار تفشي الجائحة وتأثر العديد من اقتصاديات الدول الكبرى. ومع ذلك، اتجهت العديد من البنوك الكبرى إلى تخزين الذهب كملاذ آمن. لكن قد يكون اتجاه الذهب خلال العام الجاري 2022 مختلف تماما عن العامين الماضيين. فهناك توقعات إيجابية عامة بشأن تعافي الاقتصاد العالمي وتجاوز حدة الجائحة. لكن في الوقت ذاته لا يمكن تجاهل المخاوف بشأن الموجات المتتابعة للفيروس والتي تظهر من آن لآخر.
وبحسب محللي البنك الأسترالي؛ كان من المتوقع أن يلامس الذهب مستويات 2,000 دولار في كانون الثاني/يناير 2021. لكنه تراجع ليلامس مستويات 1,900 في أيلول/سبتمبر من العام ذاته، وبحلول منتصف عام 2022، من المتوقع أن يتراجع الذهب 1,800 دولار. ويعتمد المحللين في تقديراتهم على تداول السلع خلال الفترات السابقة بالإضافة إلى استمرار التأثير السلبي لفيروس كورونا. ورغم الخاطر التي من المحتمل أن يوجهها متداولي الذهب، إلا أنه من المتوقع أن يحقق المعدن الثمين مكاسب مرتفعة خلال السنوات المقبلة.
توقعات مستثمر المحفظة
والمتابع لأداء الأسواق المالية خلال الفترة الماضية سوف يلاحظ أن تزايد عمليات التداول في الذهب قد تسبب في ظهور أنماط متعددة من المتداولين ولكل نمط من المتداولين اتجاه محدد فضلا عن تباين الآراء بشأن النظرة المستقبلية للذهب خلال الفترة المقبلة. يرى البعض أن الذهب في اتجاه صعودي في حين يتوقع البعض الأخر أن يتراجع الذهب ولكل منهم أسبابه التي يستند عليها. لكن من المتوقع أن يواجه الذهب تحديات في عام 2022، أغلب تلك التحديات تتمثل في الوضع الاقتصادي العالمي.
وتعتمد العديد من البلدان على سياسة الانفاق لمواجهة جائحة كورونا، مما يعني أن الاقتصادات الكبرى سوف تُبقى على أسعار الأصول ذات القيمة مثل الذهب ما يعني تزايد احتمال تعرضها لركود تام. لكن تلك السياسة قد تعمل كضمانة في حالة انهيار الاقتصاد العالمي.
لكن وفي المقابل، فإن ارتفاع أسعار الذهب قد يتسبب في موجه تضخم هائلة؛ لا سيما في البلدان النامية. كما أن بعض المتداولين لديهم قناعة بأن عملية تعدين/استخراج الذهب والحصول عليه والاحتفاظ به تعتمد عادة على اقتصاد الدولة. إذا كان الاقتصاد يواجه حالة من التراجع، فإن تكلفة شراء الذهب ستكون مرتفعة. لكن لا يمكن تعميم تلك السياسة أو التسليم بها بشكل تام، فالمعدن الثمين قد يستخدم كعمله في حال انهيار الاقتصاد العالمي بشكل تام.
ويستند كلا التحليلين على نقطة تاريخية ثابتة، لا سيما وأن ارتفاع وهبوط الذهب قد يحدث بشكل عشوائي. ولكي يستوعب المتداولون توقعات المحللين بدقة، لابد من التعرف على أسباب تغير أسعار السلع. لا شك أن معرفة أسباب تغير أسعار السلع أمر ضروري جدا سوف يساعدك على التنبؤ بحركة ومسار السلعة خلال فترات محددة بالإضافة إلى آلية عمل الأسواق. أيضا، لابد من معرفة العلاقة التي تربط السلعة المتداولة بالسلع الأخرى وأهميتها بالنسبة لاقتصاد الدولة؛ لا سميا وأن بعض السلع تعد محرك أساسي لاقتصاد العديد من الدول مثل خام غرب تكساس الوسيط (WTI) بالنسبة للاقتصاد الكندي.
وبحسب تحليل العديد من الخبراء، فإنه من المتوقع أن يشهد الذهب تحديا كبيرا خلال العام 2022 لا سيما في حالة تصاعد وتيرة الإصابات بالفيروس وخروجه عن السيطرة. ورغم تلك التوقعات، هناك من يعتقد بأن الوباء لا يشكل أي تحدي للذهب، بل إن التحدي الأكبر قد يحدث بالفعل في حالة تعرض سلعه أخرى للمخاطر. جدير بالذكر أن الذهب ارتفع “قليلا” مع بداية العام 2022 لكن يبقى السؤال هل سيحافظ المعدن الأصفر على هذا الزخم؛ لا سميا على المدى الطويل.
التحذير من المخاطر
استثمار مرتفع المخاطر: التداول في العملات الأجنبية التي تعتمد على الهامش ينطوي على درجة عالية من المخاطر، وقد لا يتناسب مع جميع فئات المستثمرين. الرافعة المالية المرتفعة قد تعمل في صالحك أو في غير صالحك. لابد من الحصول على استشارة متخصصة وتحديد أهداف استثمارك، ومستوى خبرتك ومدى تقبلك لمعدل المخاطر؛ قبل اتخاذ قرار الاستثمار في العملات الأجنبية. ولأنه من المتحمل أن تخسر كل أو بعض رأس مالك، يتعين عليك عدم الاستثمار بالأموال التي لا يمكن تحمل خسارتها. لابد وأن تكون على دراية وإلمام تام بجميع المخاطر المرتبطة بالتداول في العملات الأجنبية، وإن كان لديك شكوك، لابد من الحصول على مشورة متخصصة من مستشار مالي مستقل.