اكاديميمقالات

أسعار النفط قد ترتفع لمستويات قياسية – فهل نصل إلى مستويات ما قبل كورونا؟

في بداية تفشي فيروس كورونا وبالتزامن مع فرض العديد من البلدان قيود الإغلاق والحد من النشاط والحركة، تراجع الطلب على وقود الطائرات والبنزين. حيث لم يكن هناك أي بوادر تشير إلى أن صناعة النفط قد تتعافى من الضربة “القاصمة” التي تلقتها بسبب كورونا.

ورغم شدة القيود التي فرضت بسبب كورونا وقسوة التباعد الاجتماعي، استطاع العديد من الناس التعايش مع تلك القيود مفضلين العيش في بيئة نقية بدلاً من المدن الملوثة التي اعتادوا العيش فيها، وكأنهم باتوا سعداء برؤية السماء زرقاء. كما تزايدت الضغوط على العديد الحكومات بضرورة فرض قيود أكثر صرامة؛ لا سيما على المدى الطويل، وإيجاد حلول أكثر فعالية لانبعاثات الكربون السامة. فيما سعى العديد من الأفراد مواصلة العمل من المنزل حيثما أمكن ذلك، ما تسبب في تراجع الطلب على النفط، رغم قيام العديد من الدول بتخفيف قيود إجراءات الإغلاق.

وكان من المتوقع ألا تصل أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الوباء؛ لا سيما الرقم القياسي الذي حققته في عام 2019. كان هذا احتمالًا مقلقًا لولاية تكساس وروسيا وأوروبا الغربية ونيجيريا والعراق – بصفة عامة البلدان التي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على النفط.

لكن ومع حدة فيروس كورونا وتراجع القيود المفروضة على الحركة، بسبب تزايد الأخبار التي تشير إلى قرب التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس وتوزيعه على بلدان العالم؛ خلال تلك الفترة كان سوق النفط حاضرا وبقوة في المشهد. والآن، هل من الممكن أن يستعيد النفط مستويات ما قبل تفشي الفيروس، لا سيما وأن المملكة المتحدة قد سبقت الجميع في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2020 وأعلنت عن التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس؟

الزيادة الأخيرة في أسعار النفط

في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، شهدت أسعار النفط ارتفاعا بنحو أكثر من 4٪، لتلامس أعلى مستوياتها منذ الضربة التي تلقتها في آذار/مارس 2020. تزامن ارتفاع النفط مع إعلان المملكة المتحدة عن التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا، والذي بعث الأمل في زيادة الطلب على الوقود. تزامن ذلك أيضا مع إعلان فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية.

بينما شهد غرب تكساس الوسيط زيادة بنحو 4.3٪، ارتفع خام برنت بنحو 3.91٪، وهو أعلى مستوى للمؤشرين منذ 6 من آذار/مارس 2020.

نظرًا لتوافر اللقاح الآن، يرى خبراء قطاع النفط، أن العام المقبل سوء يشهد ارتفاعا ملحوظا في الطلب على النفط، نتيجة تراجع إجراءات القيود وبدء توزيع اللقاح واحتياج الناس إلى النفط مرة أخرى.  وننصح المتداولين بمتابعة التقويم الاقتصادي، والاطلاع على الأخبار الرئيسية والإصدارات الهامة عبر بوابه الشركة. أنقر هنا.

مؤخرا، كان لفوز بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية دور فعال في رفع أسعار النفط. لا سميا وأن الرئيس المرتقب سارع باختيار مستشاريه، ما تسبب في انتعاش أسعار النفط.

حيث أعطت زيادة الأسعار بصيصًا من الأمل وأنه بات من الممكن عودة الأسعار إلى مستويات ما قبل كورونا، لا سيما خلال العام المقبل 2021، ويدعم ذلك، أن مخزونات النفط في تزايد وأن مخزونات نواتج التقطير في تراجع.

إلى أي مدى تأثرت أسعار النفط بأخبار اللقاح؟

من المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط بالتزامن مع بدء التطعيمات ضد فيروس كورونا في الولايات المتحدة والتي من المتحمل أن تكون “قريبًا”.

لم يكن النفط هو السوق الوحيد الذي استفاد من تلك الأخبار السارة، حيث انتعشت الأسواق الأخرى عقب إعلان شركة AstraZeneca Plc ، عن لقاحها المضاد لفيروس كورونا. ونظرًا لأن التطعيمات سوف تبدأ في كانون الأول/ديسمبر الجاري في إطار برنامج تسريع اللقاحات الحكومي، فمن المحتمل أن يتمكن معظم الناس من العودة إلى حياتهم الطبيعية سواء قيادة السيارات أو السفر باستخدام الطائرات، ما يعني ارتفاع معدل استهلاك الوقود بشتى أنواعه.

وفي حال ثبوت فعالية اللقاح وإتمام عملية توزيعه بسرعة، سيتم فتح الطرق والمطارات في جميع أنحاء العالم، ما يعني زيادة الطلب على النفط.

أيضا، لعبت الأخبار الإيجابية الخاصة بقرب التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس دورا بارزا في إعادة ترتيب الرسوم البيانية للعقود الآجلة للنفط، وهو ما ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار على المدى القريب مقارنة بالأسعار السابقة. كان هناك أيضًا اتجاه صعودي للتراجع على الجيوب الصغيرة للرسم البياني graph’s small pockets بالنسبة لخام غرب تكساس الوسيط، ما يعني أن هناك مكاسب استمرت عدة أيام.

أيضا، لعب الإعلان عن قرب التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا، دورا بارزا في رفع أسعار النفط، وزاد من آمال عودة الحياة إلى طبيعتها؛ ما تسبب في تزايد احتمال عودة أسعار النفط إلى مستويات ما قبل الوباء.

العوامل الأخرى التي تؤثر على أسعار النفط

إن الإعلان عن قرب التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا وقيام بايدن باختيار مستشاريه وتأكيد على انتقال السلطة بشكل سلس جميعها عوامل ساهمت بشكل أو بأخر في رفع أسعار النفط، لكن بالتأكيد هناك عوامل أخرى.

الأوضاع الجيوسياسية، عوامل غاية في الأهمية لا يمكن بأي حال من الأحوال إغفالها، إذ من المحتمل أن تتسبب أي هجمات صاروخية يطلقها الحوثيون في دعم أسعار النفط. حيث سبق وشن المتمردون الحوثيون هجوما على مركز توزيع وقود شركة أرامكو السعودية في جدة بصاروخ ما تسبب في رفع أسعار النفط. ومؤخرا شهد مؤشر برنت أعلى قفزة خلال 30 عامًا. لكن سرعان ما تراجعت أسعار النفط عقب إعلان ترامب عن رغبته في استخدام مخزونات النفط الأمريكية. 

تراجع الدولار، أحد العوامل الرئيسة المؤثرة. ونظرا لأن النفط يتم تسعيره بالدولار، فإن تراجع العملة الأمريكية خلال فترة تفشي الوباء ساهم بشكل كبير في زيادة الطلب على النفط أو بمعني أخر كان بمثابة طوق نجاه.

جانب أخر لا يمكن إغفاله، وهو أن ارتفاع شهية المخاطرة حيال اقتصاد الولايات المتحدة له دور كبير في إنعاش أسعار النفط. ويبدو أن أسواق النفط باتت على قناعة بأن تخفيف القيود المفروضة سوف يساهم في زيادة الطلب على النفط وانتعاش الأسعار وعودتها إلى مستويات ما قبل كورونا.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى