اكاديميمقالات

أخبار اللقاح وتأثيرها على أسواق المال العالمية

العالم في حالة ترقب لأي أخبار تتعلق باللقاح المضاد لفيروس كورونا، ولا شك أن خبر التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا كفيل بإسعاد البشرية ورفع معنويات الجميع. ولا مبالغة إن قلنا إن مؤشرات الأسهم وأسواق المال سوف يتغير مسارها بالكامل. لفترة طويلة، بدا الأمر وكأنه لن ينتهي، وتسببت خيبة الأمل في تعرض بعض أسواق المال لضربة قاصمة، وأنهكت البعض الأخر. وأصبح العديد من المستثمرين في حالة يأس شديد، وتوقع العديد منهم حدوث فقاعة مالية.

ومع تزايد أخبار التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا، سيطرت حالة من التفاؤل على أسواق المال العالمية، حيث يتوقع الجميع حدوث تناوبًا بين العديد من القطاعات المختلفة وتزايد ثقة المتداولين. ومن المتوقع تحول أنظار المتداولين صوب أسواق الأسهم.

من المحتمل أيضا، حدوث تناوب جغرافي بالتزامن مع بداية انتشار اللقاح حول العالم. حيث سجلت دولاً آسيوية مثل كوريا الجنوبية والصين وتايوان نجاحات مبهرة في إدارة الوباء مقارنة بالدول الأوروبية والولايات المتحدة. وبالتالي، شهدت اقتصاداتها ارتفاعا ملحوظا في معدل تدفق الاستثمار. ومن المتوقع بشكل كبير أن يساهم اللقاح في تراجع إجراءات القيود التي تفرضها بعض الدول للحد من تفشي الفيروس، ما يعني تزايد وتيرة الانتقال من دول شرق لآسيا والصين إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

بغض النظر عن ذلك، فإن التوصل إلى لقاح مضاد لفيروس كورونا سيكون بمثابة طوق النجاة للعديد من اقتصاديات العالم، ما يعني انتعاش الاقتصاد العالمي. ومن المتوقع أن تؤثر أخبار اللقاح بشكل إيجابي على الاقتصاديات على المدى المتوسط. ورغم ذلك، لا يمكننا التمادي في التفاؤل إلى الحد الذي يعجلنا ننسى أن الطريق إلى الانتعاش الاقتصادي، سيكون طويلًا وصعبًا، لا سيما وأن أسواق المال تلقت ضربة “قاصمة”. 

إعلان الشركات عن التوصل إلى لقاح لفيروس كورونا

في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلنت شركة فايزر عن توصلها للقاح مضاد لفيروس كورنا، وأنه قد ثبت فعاليته بنسبة 90٪، ما أدى إلى ارتفاع أسهمها بنسبة 9٪. ورغم تزامن ذلك مع إعلان نتيجة الانتخابات الأمريكية لكن أخبار التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس كان لها تأثير إيجابي أكبر على الأسواق.

وعلى الرغم من صعوبة توافر اللقاح على نطاق واسع قبل منصف العام المقبل، إلا أن العديد من المستثمرين قد وضعوا جل رهاناتهم على أن مجرد توافر اللقاح كفيل بإعادة فتح الاقتصادات، والسماح للناس بالسفر والذهاب إلى العمل والتجمع في الأماكن العامة مرة أخرى وعودة الحياة إلى طبيعتها.

ولذلك، ارتفعت أسعار الأسهم وانتعشت عوائد سندات العديد من الشركات؛ مستفيدة من حالة التفاؤل بشأن تعافي الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة. على سبيل المثال، ارتفع سهم داو جونز بنحو 3% كما ارتفعت أسهم قطاع الطاقة والمال والطيران في حين تراجعت أسهم قطاع التكنولوجيا. توفر اكيواندكس للعملاء آليات التداول في مؤشر داو جونز30 بمزايا فريدة. يمكنك التداول باستخدام الرابط التالي. الرابط

ارتفعت أسهم شركات الطيران بنحو 16٪، كما ارتفعت أسهم قطاع الطاقة لمؤشر ستاندرد آند بورز بنحو 14٪، وارتفع مؤشر القطاع المالي بنحو 8٪. إلا أن الأسهم التي استفادت من تفشي الوباء مثل أسهم، Zoom و Netflix، شهدت تراجعا حادًا. كما تراجعت أيضا أسهم كلا من Facebook و Amazon ، بنحو 5٪. وتراجعت شركات أخرى مثل Peloton Interactive ، بنحو 16٪، و Ocado بنحو 12٪ ، و Just Eat Takeaway بنحو 9٪ ، و AO World بنحو 11٪.

ومن المتوقع أن يستمر تراجع أداء شركات الألعاب المنزلية بالتزامن مع عودة الحياة إلى طبيعتها وتراجع فرص تطبيق المزيد من القيود على التنقل. ولدى العديد من المستثمرون مخاوف بشأن جدوى استمرار تلك الشركات عقب انتهاء تفشي المرض وعودة الحياة إلى طبيعتها، لا سيما وأن تفشي فيروس كورونا وتسببه في توقف النشاط الاقتصادي والحياة بشكل العام كان سببا رئيسيا في انتشار تلك الخدمات وارتفاع أسهمها لمستويات قياسية.

ورغم انتعاش أسهم تلك القطاعات، إلا أنها سرعان ما تلاشت بعدما هدأت موجة التفاؤل بشأن التوصل إلى لقاح مضاد للفيروس؛ بسبب تسارع وتيره انتشار الموجة الثانية وارتفاع معدل الإصابة بالفيروس وتجدد المخاوف بشأن فرض المزيد من القيود على النشاط والتنقل. حيث أغلق كلا من مؤشر ناسداك وستاندرد آند بورز500 وداو جونز عند مستويات منخفضة مع نهاية يوم التداول.  

على الرغم من أن اللقاح سوف يساهم بشكل كبير في تراجع القيود المفروضة، لكن حتى الآن لا يعرف المدة التي سوف يستغرقها اللقاح للوصول إلى جميع المواطنين على مستوى العالم، وبالتالي لا يمكن التنبؤ بتوقيت قيام الدول برفع القيود على الأنشطة والإذن بعودة الحياة إلى طبيعتها.  أيضا، لا يمكن التنبؤ بتوقيت تعافي قطاعات محددة وأسواق معينة مثل النفط وشركات الطيران من الوباء وما إذا كان بإمكانها الوصول إلى مستويات ما قبل الوباء مرة أخرى أم لا.

طبيعة الوضع الاقتصادي عقب كورونا

من المتوقع ارتفاع وتيرة تعافي الاقتصاد العالمي بالتزامن مع بدء إصدار اللقاح وتوزيعه. ومن المتوقع أيضا، أن يمر الاقتصاد بمرحلة انتقالية، وليس أمام المستثمرين إلا “الترقب”. حيث من المتوقع أن ترتفع الأسهم في حالة توفر مؤشرات مؤكدة تشير إلى أن الاقتصاد سوف يشهد نموا مستدامًا.

في الوقت الراهن، تتغير الأسواق المالية بناءً على توقعات ارتفاع أو هبوط أرباح الشركة وليس بناءً على التقييم. ولعل هذا هو السبب في ارتفاع أسهم النفط وشركات الطيران والرحلات البحرية بناءً على التوقعات بأن الناس سيحجزون المزيد من التذاكر ويشترون المزيد من النفط، ما يعني ارتفاع أرباح الشركات.

من ناحية أخرى، تراجعت أسهم Netflix وغيرها من أسهم الشركات المستفيدة من “البقاء في المنزل” لأنه من المتوقع أن تتراجع أرباح Netflix مع عودة الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى.

وأخيرا لابد من التأكيد على أن أخبار اللقاح ليست وحدها المحرك الأساسي أو الدافع الوحيد لتعافي الاسواق، حيث لا يزال هناك العديد من الخطوات التي يجب اتخاذها والمخاطر التي يجب التغلب عليها قبل أن يتمكن العالم من تحقيق نمو مستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى